
أبرزها "شرف وذات".. تعرف أشهر روايات صنع الله إبراهيم بعد رحيله
فقدت الساحة الثقافية العربية قامة فكرية وأدبية بارزة برحيل الكاتب الكبير صنع الله إبراهيم عن عمر ناهز 88 عامًا، بعد صراع مع التهاب رئوي ألم به.
ويُعد الراحل أحد أبرز رواد الأدب في مصر، وعلامة فارقة في الرواية العربية الحديثة، حيث تركت أعماله بصمة عميقة في المشهد الأدبي والنقدي، ودخلت بعضها ضمن قائمة أفضل مائة رواية عربية.
مسيرة صنع الله إبراهيم لم تكن مجرد حياة أدبية، بل كانت شهادة على تاريخ مضطرب، ومقاومة شرسة ضد كل ما يتعارض مع حرية الفكر والضمير.
وفي ضوء ذلك، نستعرض أبرز أعماله التي شكلت وعي أجيال من القراء والنقاد:
"شرف": وثيقة عن عالم السجون وفضح للفساد
تُعد رواية "شرف"، التي صدرت عام 1997، أحد أهم أعماله التي حظيت بنجاح كبير. تدور أحداثها حول قصة شاب جامعي يدعى "أشرف" يدخل السجن دفاعًا عن شرفه، ليجد نفسه في عالم مظلم ومليء بالفساد.
ببراعة فائقة، اقتحم صنع الله إبراهيم عالم السجون ليكشف عن صور التعذيب وانتهاك آدمية الإنسان، ويرفع الستار عن زيف الانتصارات الوهمية واستغلال شركات الأدوية العالمية لدول العالم الثالث. وقد استحقت الرواية أن تحتل المركز الثالث ضمن قائمة اتحاد الكتاب العرب لأفضل مائة رواية عربية.
"ذات": مرآة للمجتمع المصري
نُشرت رواية "ذات" لأول مرة عام 1992، وتُعد من الروايات الاجتماعية المميزة التي ترصد قصة حياة سيدة مصرية، لتروي من خلالها التغييرات الاجتماعية والاقتصادية التي شهدها المجتمع المصري منذ ثورة 1952 وحتى نهاية القرن العشرين.
تُعد "ذات" رمزًا للمجتمع المصري الذي تحركه قيم ومعتقدات متضاربة، حيث يمزج الكاتب بين الخيال والواقع ليجسد أبعادًا إنسانية عميقة. وقد حُولت الرواية لاحقًا إلى مسلسل تليفزيوني ناجح.
"67": تحليل للهزيمة بعمق نفسي
جاءت رواية "67" لتُلقي بظلالها على هزيمة عام 1967، ولكن ليس بمعناها العسكري فحسب، بل بمعناها الأوسع الذي يشمل الحالة النفسية والفكرية للمجتمع. من خلال بطل الرواية، يسرد صنع الله إبراهيم يوميات هذا العام، ويُحلل الظروف والأسباب التي أدت إلى الهزيمة، وما ترتب عليها من حالة "اللامبالاة واللا فعل" التي عاشها أفراد المجتمع. يُذكر أن هذه الرواية ظلت حبيسة الأدراج لما يقرب من نصف قرن، ولم تُنشر إلا في عام 2015.
"بيروت بيروت": صورة حية لمدينة الحب والحرب
في هذه الرواية، يسافر صنع الله إبراهيم إلى بيروت، المدينة التي تحمل الحب والحرب في رحمها. من خلال قصة بحثه عن ناشر لكتابه في خضم الحرب الأهلية، يرسم الكاتب صورة حية وموثقة للمدينة، مُسلطًا الضوء على تأثير الحرب على المجتمع اللبناني وتفاصيل الحياة اليومية والمعاناة التي يعيشها الناس.
واستخدم الكاتب أسلوبًا مبتكرًا في السرد، عبر فكرة التعليق الصوتي على فيلم وثائقي، مما جعل الرواية عملًا بحثيًا رصينًا وقطعة أدبية بديعة.
"اللجنة": رمزية عالمية عن السلطة والإمبريالية
تجاوز صنع الله إبراهيم المحلية في رواية "اللجنة" ليقدم عملًا عالميًا بامتياز. في هذه الرواية، التي صدرت في أواخر السبعينيات، يصور الكاتب بأسلوب رمزي عميق عالمًا تسيطر عليه الإمبريالية الرأسمالية والشركات متعددة الجنسيات.
وتُعد الرواية لوحة عالمية مليئة بالرمزيات والدلالات التي تفتح الباب لتأويلات وقراءات متعددة، وتدفع القارئ إلى قراءتها أكثر من مرة لاستيعاب أفكارها المكثفة.
